عيد القديس أندراوس الرسول المدعو أولاً ومؤسس كنيسة القسطنطينية
عيد القديس اندراوس الرسول المدعو أولاً ومؤسس كنيسة القسطنطينية في كاتدرائية القديس جاورجيوس بحضور صاحب القداسة بابا روما لاون الرابع عشر
صور الجزء الاول
ترأس الكلي القداسة رئيس اساقفة القسطنطينية روما الجديدة والبطريرك المسكوني برثلماوس الأول قداس عيد القديس اندراوس الرسول المدعو أولاً ومؤسس كنيسة القسطنطينية بمشاركة صاحب الغبطة بابا وبطريرك الاسكندرية وسائر إفريقيا ثيودوروس الثاني
ومشاركة كل من ممثل صاحب الغبطة بطريرك انطاكيا وسائر المشرق يوحنا العاشر صاحب السيادة متروبوليت عكار وطرطوس وتوابعهما المطران باسيليوس
وممثل صاحب الغابة بطريرك المدينة المقدس اورشليم وسائر أعمال فلسطين والأُردن ثيوفيلوس الثالث صاحب السيادة رئيس أساقفة أنثيذورن المطران نكتاريوس ممثل بطريرك اورشليم في القسطنطينية
ومشاركة عدد من اصحاب السيادة المطارنة
العظة التي ألقاها الكلي القداسة البطريرك المسكوني برثلماوس خلال القداس الإلهي في عيد القديس أندراوس في كنيسة القديس جاورجيوس البطريركية (30 تشرين الثاني 2025)
يا قداستكم، أيها الأخ الحبيب في المسيح، البابا لاوُن،
إنّه بفرح صادق وبمشاعر شكر عميقة نستقبلكم اليوم من جديد في هذا المركز المقدّس للأرثوذكسية، كما استقبل البطريرك المسكوني أثيناغوراس البابا بولس السادس، وكما استقبل البطريرك المسكوني ديميتريوس البابا يوحنا بولس الثاني، وكما استقبلنا نحن—بكليّ تواضع—أسلافكم الموقّرين بنديكتوس السادس عشر وفرانسيس. وها نحن اليوم نرحّب بكم بدورنا في كنيسة القديس جاورجيوس البطريركية العامرة، حيث احتفلنا بالقداس الإلهي بمناسبة عيد الرسول القديس أندراوس المدعو أولاً، وقد استمعنا خلاله إلى قراءة الإنجيل التي تذكّر بدعوة الأخوين أندراوس وبطرس، أوّل رسل ربّنا ومخلّصنا يسوع المسيح.
وكما يروي الرسول والإنجيلي القديس يوحنا اللاهوتي، كان أندراوس واحدًا من تلميذي القديس يوحنا المعمدان، الذي دلّهما على يسوع المسيح قائلاً: “هوذا حمل الله!”. فلم يتبع أندراوس الربّ في الحال فحسب، بل وجد أيضًا أخاه سمعان وقال له: “لقد وجدنا المسيّا”، وجاء به إلى الرب، الذي قال له: “أأنت سمعان؟ سوف تُدعى كيفا — أي بطرس” (يوحنا 1: 35–42). وهكذا، من خلال هذه الدعوة، ترك الأخوان شباكهما على شاطئ بحر الجليل ليصيرا “صيّادي الناس”، ناشرين شباك الكنيسة عبر التبشير ببشارة الخلاص حتى أقاصي الأرض.
وفي هذا اليوم الاحتفالي المجيد، لا تجمعنا فقط ذكرى الرسول المدعو أولاً، بل أيضًا وجود الذخائر المقدّسة العزيزة للرسولين الأخوين بيننا، وهي الذخائر التي تكرّمًا قدّمها لنا أسلافكم. وفوق ذلك، لا يمكننا أن نتجاهل أنّ أيقونة “قبلة بطرس وأندراوس” قد أصبحت، منذ أكثر من نصف قرن، رمزًا لمسيرتنا المشتركة نحو وحدة المسيحيين، وهي تذكّر العالم باستمرار بأنّنا “قد وجدنا المسيّا”.
وبوصفنا خلفاء الرسولين القديسين، مؤسِّسَي كنيستينا، نشعر بأنّ روابط الأخوّة الروحية تجمعنا معًا، وتُلزمنا بالعمل بجدّ لإعلان رسالة الخلاص إلى العالم. وإن زيارتكم المباركة اليوم، تمامًا مثل تبادل الوفود بين كنيستينا في احتفالات العيدين الكرسيّين، لا يمكن اختزالها في أحداث بروتوكولية فحسب، بل تعبّر، على العكس، بطريقة ملموسة وشخصيّة عن التزامنا العميق بالسعي نحو وحدة المسيحيين ورغبتنا الصادقة في استعادة الشركة الكنسية الكاملة.
وقد أصبح هذا ممكنًا قبل ستين سنة، عبر رفع الحرومات المتبادلة لعام 1054 بين روما والقسطنطينية، وذلك في السابع من كانون الأول 1965. ففي الإعلان المشترك، أكّد البابا بولس السادس والبطريرك المسكوني أثيناغوراس قناعتهما الواحدة بأنهما “يستجيبان لنداء تلك النعمة الإلهية التي تدفع اليوم الكنيسة الرومانية الكاثوليكية والكنيسة الأرثوذكسية، كما جميع المسيحيين، إلى تجاوز خلافاتهم لكي يصيروا من جديد «واحدًا» كما طلب الرب يسوع من الآب لأجلهم” (الإعلان المشترك، 1).
وهكذا، يمكن بحقّ اعتبار هذا الحدث التاريخي، الذي أعقب “شتاء” الانقسامات، بمثابة “ربيع” روحي لكنيستينا، إذ دشّن فصلاً جديدًا في علاقاتنا المتبادلة، ساعيًا من جديد إلى تجاوز اختلافات الماضي. وكما أُكّد حينها، فإنّه “بعمل الروح القدس ستُتجاوز هذه الاختلافات عبر تنقية القلوب، والندامة على الأخطاء التاريخية، والعزم الفعّال على بلوغ فهم مشترك وتعبير واحد عن إيمان الرسل ومتطلباته” (الإعلان المشترك، 5).
إنّ الأمانة للإيمان الرسولي هي بالتحديد معنى الاحتفال هذا العام بالذكرى الـ1700 للمجمع المسكوني الأول في نيقية، وهو الاحتفال الذي تتزامن معه أيضًا زيارتكم. ولذلك، فإنّ حجّنا المشترك قبل يومين إلى هذا الموقع التاريخي الأساسي في تاريخ المسيحية، مع غبطة البطريرك والبابا ثيودوروس بطريرك الإسكندرية، والممثلين الرسميين لغبطة البطريركين يوحنا بطريرك أنطاكية وثيوفيلوس بطريرك أورشليم، الذين شاركناهم في القداس الإلهي اليوم، لا يمكن في أي حال اختزاله في مجرد اهتمام بحدثٍ من الماضي.
فإنّ قانون الإيمان الذي أقرّه مجمع نيقية يشكّل اعترافًا يتجاوز حدود الزمان والمكان، ويؤكّد إيمان الكنيسة المتسلّم من الرسل:
“جسد واحد وروح واحد… ربّ واحد، إيمان واحد، معمودية واحدة، إلهٌ وآب واحد للكل، الذي هو فوق الكل وبالكل وفي كلٍّ” (أفسس 4: 4–6)، وهو أيضًا شعار رحلتكم الرسولية.
لقد ألهم الروح القدس، بعمله الإلهي، المجمعَ المسكوني الأول في نيقية وعزّزَ الوحدة الكنسية. وكما يشهد أحد أبرز شخصيات المجمع، القديس أثناسيوس الإسكندري، في رسالته إلى أساقفة أفريقيا، فقد دعا الإمبراطور قسطنطين إلى هذا المجمع أساسًا لمعالجة الانقسام الذي أحدثته بدعة آريوس داخل الكنيسة، ولتحديد تاريخ مشترك للاحتفال السنوي بعيد الفصح، قيامة ربنا يسوع المسيح، أساس إيماننا (PG 26, 1032CD).
وبالفعل، “إن لم يكن المسيح قد قام، فتبشيرنا باطل وإيمانكم أيضًا باطل” (1 كورنثوس 15: 14).
ويبقى المجمع المسكوني الأول أساسًا في سعينا اليوم نحو وحدة المسيحيين. فقانون إيمانه وقراراته وقوانينه، وخصوصًا القرار المتعلّق بوضع معايير موحّدة لحساب تاريخ مشترك لعيد الفصح، تشكّل تراثًا لكل العالم المسيحي. ولن يقترب المسيحيون المنقسمون من بعضهم بعضًا ولن يبلغوا وحدتهم المنشودة إلاّ بتعميق هذا الإرث الغني.
وكما ذكّرنا المجمع المقدّس والكبير للكنيسة الأرثوذكسية (كريت، حزيران 2016)، فإنّ “مسؤولية الكنيسة الأرثوذكسية عن الوحدة، كما رسالتها المسكونية، قد عبّر عنها المجامع المسكونية. وقد شدّدت هذه المجامع بشكل خاص على الرابطة التي لا تنفصم بين الإيمان القويم والشركة الأسرارية” (العلاقات بين الكنيسة الأرثوذكسية وسائر العالم المسيحي، 3).
كما أكّد المجمع أنّ الإيمان بالله الثالوث—الآب والابن والروح القدس—وبالرب الواحد يسوع المسيح كإله ومخلّص بحسب الكتب المقدّسة وبحسب قانون الإيمان النيقاوي-القسطنطيني، هو المعيار الجوهري لانخراط الكنيسة الأرثوذكسية في الحركة المسكونية، ولعضويتها في مجلس الكنائس العالمي ومؤتمر الكنائس الأوروبية، وكذلك لمشاركتها في الحوارات اللاهوتية الثنائية والمتعددة الأطراف (المرجع نفسه، 19).
في احتفالنا بهذه الذكريات المباركة، نفرح لأنّ رفع الحرومات، الذي دشّن حوار المحبة، قد أدّى إلى حوار الحقيقة الذي يُجرى بشكل أساسي من خلال اللجنة الدولية المشتركة للحوار اللاهوتي بين كنيستينا الشقيقتين، التي أنشأها أسلافنا البابا يوحنا بولس الثاني والبطريرك المسكوني ديميتريوس. إنّ العمل الذي أُنجز خلال السنوات الخمس والأربعين الماضية، والذي بدأ بدراسة ما نشترك فيه، قد أسهم في تنمية روح الأخوّة، وتطوير الثقة والفهم المتبادلين، وهو يمكّن كنيستينا، في هذه اللحظة الحاسمة من التاريخ، من معالجة القضايا الشائكة العائدة إلى الماضي لتجاوزها، ومن ثمّ قيادتنا نحو استعادة الشركة الكاملة.
ومن اللافت أنّ التأمل في موضوعي السينودسية (المجمعية) والأولويّة خلال السنوات الأخيرة في إطار أعمال اللجنة، قد شكّل مصدر إلهام وتجديد ليس فقط لكنيستينا الشقيقتين، بل وللعالم المسيحي بأسره. ولا يسعنا إلاّ أن نصلّي كي تُحلّ المسائل التي تبحثها اللجنة حاليًا، مثل مسألة “الفيليوكِه” وعقيدة العصمة، بحيث لا يعود فهمها يشكّل حجر عثرة أمام شركة كنيستينا.
إنّ وحدة المسيحيين ليست ترفًا. فهي الصلاة القصوى لربّنا يسوع المسيح: “ليكونوا جميعهم واحدًا” (يوحنا 17:21)، وهي أيضًا الشرط الجوهري لرسالة الكنيسة. إنّ الوحدة المسيحية ضرورة مُلحّة، ولا سيّما في أيامنا المضطربة، إذ ينقسم العالم بسبب الحروب والعنف وأشكال التمييز كافة، بينما يدمّره السعي إلى الهيمنة، والبحث عن الربح، والاستغلال غير المضبوط للموارد الطبيعية.
وأمام هذا الكمّ الكبير من الألم، فإنّ الخليقة بأسرها التي “تئنّ” (رومية 8:22)، تنتظر رسالة موحّدة من المسيحيين تعلن رجاءً واضحًا، وتدين بلا تردّد الحرب والعنف، وتدافع عن كرامة الإنسان، وتحترم وتعتني بخليقة الله. لا يمكننا أن نكون شركاء بصمت في سفك الدماء الجاري في أوكرانيا وفي أماكن أخرى من العالم، ولا أن نظلّ غير مبالين بهجرة المسيحيين من مهد المسيحية، ولا أن نتغاضى عن المظالم التي يتعرّض لها “أصغر الإخوة” الذين للرب (متى 25: 31–46). كما لا يمكننا تجاهل مشاكل التلوّث والنفايات والتغيّر المناخي.
يجب أن نعمل كصانعي سلام (متى 5:9)، وأن نظهر كأولئك الذين يجوعون ويعطشون إلى البرّ (متى 5:6)، وأن نتصرف كـ وكلاء صالحين على الخليقة (تكوين 1:26).
قداستكم، …
“بهذه الأفكار المتواضعة، نودّ أن نعبّر عن امتناننا العميق لزيارتكم مدينتنا وكنيستها، ولمشاركتكم في هذه الاحتفالات المهيبة. ليشفَع فينا جميعًا مؤسِّسا كنيستنا العظام وقديساها وحامياها – الرسولان المجيدان أندراوس أول المدعوّين وبطرس رئيس الرسل – أمام الذي خدمَاه وبشّرا به بأمانة «إلى أقاصي المسكونة». وليستمرا في إلهامنا جميعًا بسعة رؤيتهما الكنسية وبعزم رسالتهما الرسولية، لكي نتابع حجَّنا المشترك في سعيٍ نحو وحدة المسيحيين، ونقدّم شهادة معًا لكي يؤمن العالم بأننا «وجدنا المسيّا».
ومرة أخرى، نرحّب بكم أيها الأخ الحبيب في المسيح!”
H αναδημοσίευση του παραπάνω άρθρου ή μέρους του επιτρέπεται μόνο αν αναφέρεται ως πηγή το ORTHODOXIANEWSAGENCY.GR με ενεργό σύνδεσμο στην εν λόγω καταχώρηση.
Ακολούθησε το ORTHODOXIANEWSAGENCY.gr στο Google News και μάθε πρώτος όλες τις ειδήσεις.










